عند ذهاب ماثيو لإحضار الصبي من محطة القطارات , صدم صدمة تمنى فيها حضور ماريلا لحل المشكلة التي تواجهه كما اعتادت !!

لكن ما الذي حصل ؟؟

تم إحضار فتاة بدلًا من الصبي !!

وأي فتاة هذه , كثيرة الثرثرة , عميقة الخيال جامحة العواطف وحمراء الشعر مزين وجهها بالنمش الذي كانت تعتبره هذه الفتاة سبب شقاء حياتها هو وشعرها الأحمر الغير معتاد

eبحرف ال anne تلك هي

بالنسبة لشخص خجول مثل ماثيو كان من المتوقع ان يبقى صامتا غير قادر على التصرف ولا الحديث , لكن آن لم تدع فرصة للسكوت وتدارت الموقف . بدأت تبث له مشاعرها وسعادتها بحضوره , و أخيرًا ستحظى بعائلة تتبناها وفي جزيرة الأمير إدوارد ايضًا . يا سلام , بدى وكأن احلام آن بدأت تتحقق بعد تخلصها من ملجأ الأيتام بنوفا سكوشيا أخيرًا -جزيرة الأمير إدوارد -لكن لم يقوى ماثيو الحنون العطوف على تحطيم سعادتها وآمالها , ولم يكن من الإنساني تركها في محطة القطار لوحدها عندما بدأت الشمس تغرب مهللة بقدوم القمر , فقرر أخذها ليدع القرار الحاسم في يد أخته ماريلا

لم يكن يعلم ماثيو أن هذه الفتاة في طريق الذهاب للمنزل ستأسره وتزرع في قلبه شيء مشرق وساطع يجعله مسحورًا بها !! ويجعلهما توأما روح للأبد

طريقة تحدثها وإستخدامها للكلمات الكبيرة التي لا تسمع عادة من أطفال في سن ال11 أذهلته ايما إذهال. لكن آن تقول أن الأفكار الكبيرة تحتاج لأن توصف بعبارات كبيرة !

ولا ننسى شغفها بإعطاء كل ماتراه جميل إسم يليق به , مثل درب البهجىة الأبيض , بحيرة المياه البراقة , درب العشاق , شجرة ملكة الثلج

صدمة ماريلا بالمخلوقة الصغيرة الثرثراة كانت عظيمة . إستائت ماريلا بالخطأ الذي أقدمت عليه السيدة سبينسر . ماحاجتها بفتاة ثرثارة ؟

غايتها صبي يساعد ماثيو في تخفيف عبئ اعمال الزراعة والحصاد مع ماثيو

هذه الفتاة لن تعود عليهما بأي نفع ولا فائدة . لكن ماثيو الخجول الصامت حاول ان يقنع ماريلا بكونها قد تفيدهما ببعض الكلمات الخجولة , لكن قرار ماريلا كان حاسمًا لإنها لم تدرك ان قلب ماثيو تعلق بهذه الصغيرة الدرامية

ولكم أن تتخيلوا حالة الإحباط والأسى التي انفجرت بآن بعد هذه الخيبة العظيمة بعدما قطعت كل هذه المسافات !!

حياتها كما تقول , مقبرة للأحلام

ولكن حتى ماريلا ستغير رأيها في آن وستشعر بطعم اللوعة والمرارة عند رحيلها , لم تعد المرتفعات الخضراء هادئة وموحشة كما كانت . أصبحت الحياة تعج والشمس تشرق والنجوم تسطع في المرتفعات الخضراء بعد قدوم آن في هذه الرواية نشاهد آن الطفلة ذات ال11 عامًا تنمو , تخطأ اخطاء فادحة وتتعلم منها وتجتهد خلال خمس سنوات , من لحظة قدومها للمرتفعات الخضراء الى وصولها لسن ال 16 بعد ان اصبحت تهتم بطموحاتها اكثر من ثرثراتها

في 382 صفحة تعرفنا الكاتبة العظيمة لوسي مونتغمري على تطورات مراحل آن بإحاطة العديد من الشخصيات المحببة للقلب والمضحكة . وبترجمة سكينة إبراهيم الرائعة التي شكلت تحفة أدبية مترجمة ...السيدة ريتشيل ليند من أبرز شخصيات أفونليا , والمعروفة بتداول القيل والقال من مصادر موثوقة وبروزها كعن��ر فعال وعملي في أفونليا

وهي التي سخطت على ماريلا عند معرفتها برغبتهما في التبني والتي إستهزأت من شكل آن بجسمها الهزيل ونمشها وشعرها الأحمر فأنفجرت بها الأخيرة لتنمو بعدها بينهما علاقة حلوة تناكد فيها إحادهما الأخرى ديانا باري الصديقة الصدوقة لآن , التي تعاهدت معها آن على أن تظلا صديقتا الدرب وان يتشاركا الفرح والمرح والخيال والأمآل والأحلام وابننا الصبي جيلبرت بلايث الذي أثار سخط آن وتصرف بشكل غير مقصود بإثارة حنقها عندما نعتها بالجزرة ليدفعها للحديث , لكن هذا أدى لقطع كل سبل التواصل بينهما خلال 5 سنوات حقدت فيها آن على جيلبرت الذي ندم أشد الندم وماكان قاصدًا سوا مشاكستها , لكن كل ثلج يذوب يومًا ما . فجيلبرت هو الآخر يتميز بالإجتهاد الذي تنافس فيه في أفونليا مع آن لتسابقهما الدائم على إحراز أعلى المراكز حتى مع وجود ولع وحزن مقاطعة آن له . و لا ننسى طيبة قلب الإخوة الأعزبين ماريلا وماثيو اللذان لم يتقاعسا عن تلبية حاجيات آن وتربيتها بشكل صحيح وتقويمها على الرغم من إنعدام تجاربهما بتربية الأطفال وهما اللذان لم يختارا شريكًا لهذه الحياة ليأتي عطاء الله لهما بآن ويمثلان العديد من الصفات الطيبة والأخلاق والمبادئ الحميدة بحبهما لآن ولتصرفهما معها بالطريقة الصائبة ولفخرهما بها

حقيقة بدون مبالغة , هذه الرواية أروع رواية اقرأها على الإطلاق , وأظن انه من المعيب على دور النشر ان لا تساهم بطباعة وإعادة نشر هذه التحفة التي ستسحر العديد من القلوب

احتاجت الرواية التي نشرت في عام 1908 , 100 عام تقريبًا لتصبح معروفة بين أوساط القراءة على الرغم من غيابها للآن عن معرفة العديد من القراء

هذه الرواية التي تليها مجموعة كتب أخرى تتحدث عن حياة آن وقصصها المشوقة الأخرى تشكل تراث ادبي لكندا , وانا افتخر بوجود كاتبة أنثى مثل لوسي إستطاعت غزل الكلمات كأنها خيوط حرير لتبهج به قلوب القراء وتسحرهم بشخصية آن التي تدفع القراء لمحبتها ولتغير نظرتهم لهذه الحياة التي تبدو من عين آن كأنها الجنة .

ليت لنا القليل من خيالها وتأملاتها الكفيلة بحمل روح ساطعة ومشرقة داخلنا . آن تعلم الصغار والكبار معنى جمال الشمس بأِشعتها الذهبية وضوء القمر الساحر والأشجار الجميلة والعشب الأخضر وكل ماهو في الحياة , آن تعطينا درسًا بجمال هذه الحياة التي تستحق أن نحلم فيها وأن نسعى ونجتهد ونتأمل في جمال هذا الكون البديع وان لا نخاف ولا نخجل من الغوص بأعماق خيالاتنا التي تسعد أرواحنا

غيرت آن حياة ماريلا وماثيو اللذان ماعادا يطيقان المرتفعات الخضراء بغيابها , سحرتهم بكلامها وثرثراتها الغنية الحالمة المبهجة لن تكون القراءة الأخيرة للكاتبة الرائعة لوسي مونتغمري ولا القراءة الأخيرة لهذه الرواية التي أرى انها تستحق ان تكون في جميع مكتبات القراء وان تعاد قرائتها لعدة مرات

لا أظن ان أحدًا سيفهم ما اشعر به من بهجة ومحبة إلا عندما يقرأ الرواية بمحبة وتأني ليستمتع مع آن وماثيو وماريلا بتطورات الرواية بأفراحها وأحزانها , فكما هو حال الحياة كلنا سنمر بمواقف حزينة وخسارة تشكل صدمة عميقة علينا , لكن الحياة لا تنتهي ولا جمال الدنيا يزول كما قالت آن

ربما آن شخصية روائية , لكنها أجمل شخصية قد يقرأ عنها احد يومًا , تعيش في قلوب قرائها ومحبيها مذكرةً إياهم بجمال هذه الحياة وبقيمة الخيال الذي انعمه الله علينا

هؤلاء الثلاث غاليين على قلبي بشكل كبير جدًا . ولأول مرة أقول ان بعض المسلسلات المقتبسة عن روايات لها جمال لا يقل عن روايتها , انصح بمشاهدة المسلسل المقتبس من الرواية بنواحي عديدة حيث شملت أجزاءه الثلاث أحداث الرواية الأولى مع بعض التغييرات وبشكل غير متوقع من شبكة نتفلكس لم يكن فيه لقطات غير محتشمة ليتناسب مع جميع الأعمار ويزرع اخلاق و��بادئ في نفوس المشاهدين

مادامت آن موجودة فكل ماتطل فيه سيكون ناجح ومبهج للقلوب .. حسنًا , الآن آن بنت صبية جميلة ويافعة لديها احلام كبيرة بعد انهائها الدرجة الأولى هي وجليبرت بمعهد كوين للتدريس لتقرر ان تتخلى عن منحة الجامعة لتنقذ المرتفعات الخضراء بعد المصيبة التي حلت عليهم والأحزان التي مرت بهملكن ما زال هنالك الكثير ينتظر آن , لم تنتهي الحكاية هنا

إقتباسات :